ثقافة وفن

المرتضى: “أوسكار المبدعين العرب” يعزز العلاقات الثقافية في مهرجان طرابلس

اعتبر وزير الثقافة في حكومة تصريف الاعمال محمد وسام المرتضى أن “أكثر ما يسترعي النظر في أهداف اوسكار المبدعين العرب أنها تتخطى فكرةَ إظهارِ المواهب وتشجيعِها، إلى دعم التراث العربي والحفاظ عليه، وتوطيد العلاقات الثقافية بين العرب والعالم وهذا شأن جلل خصوصًا في هذه الأيام التي نشهد فيها عملية اجتياح منظَّمة لمجملِ مفردات تراثنا،حيث أعداء الانسانية يستهدفون لبنان التنوّع والفكر والدور وصراعنا معهم اساسه ثقافيٌّ انساني” .

كلام وزير الثقافة جاء خلال رعايته حفل تكريم المشاركين في المسابقة الأدبية الكبرى لمهرجان “اوسكار المبدعين العرب” الذي اقيم ضمن فعاليات طرابلس عاصمة للثقافة العربية، في مركز الصفدي الثقافي في طرابلس، في حضور رئيس اللجنة الوطنية اللبنانية لليونيسكو المحامي شوقي ساسين ،الدكتور مصطفى الحلوة ممثلًا مؤسسة الصفدي وممثلين عن اتحاد الكتاب اللبنانيين والعرب ومؤسسة اوسكار للمبدعين العرب

وقال الوزير المرتضى في مستهل كلمته:”​كان ينبغي لطرابلس مليكةِ الثقافة على مرّ العصور، أن تستضيفَ في رحابِ سلطانِها هذا المهرجانَ الأدبيَّ الرفيع، فإن الثمرة تحنُّ دومًا إلى أمِّها الشجرة، ولا تتغلغلُ في باطنِ الأيامِ إلا لكي تنبتَ جديدةً فوقَ غصنِها في ذات ربيع. هكذا المواهبُ ترجعُ إلى الأحضانِ التي تحفظُ لها الدفءَ والخصبَ وأحوالَ التفتُّح والنموّ، وهل أفضلُ من هذه المدينة الفيحاء الواقعةِ على حدودِ رائحة الجنة كما قال مرةً نزار قباني، موطنًا لاحتضان جوائز الإبداع؟”

​اضاف :”على أن أكثرَ ما يسترعي النظر في أهداف هذا الأوسكار أنها تتخطى فكرةَ إظهارِ المواهب وتشجيعِها، إلى دعم التراث العربي والحفاظ عليه، وتوطيد العلاقات الثقافية بين العرب والعالم. وهذا بالحقيقة شأن جَلَل، خصوصًا في هذه الأيام التي نشهدُ فيها عمليةَ اجتياح منظَّمة لمجملِ مفردات تراثنا، بدءًا من تدهور اللغة العربية على ألسنة أبنائها الناطقين بها، وتنكُّرِ كثيرين منهم للإسهامات الثقافية الكبيرة التي كانت لأجدادهم في مسار الحضارة الإنسانية، مرورًا بمحاولات التنصلِ من المناقب والفضائل التي رسَّخَتْها الحياة في مجتمعاتِنا… وصولًا إلى الهدف الأخير المخطَّطِ له، وهو الاستحواذُ على حقوقنا وثرواتِنا وبلادِنا ومقدراتِنا، وتشريعُ مصائرِنا في النهاية لمآربِ الاحتلال”.

ولفت الى ان :”نحن إذن في غمرةِ حربٍ ثقافية توجبُ علينا أن نُعِدَّ لها العتاد المعرفيَّ الكامل، في التربية والعلوم والفنون والآداب وأشياءِ الحداثة كلِّها، لكي نحوزَ الانتصار. وما المسابقات الأدبية والعلمية والفنية التي تقام على غرار هذا الأوسكار، في أقطار بلادِنا كافةً، إلا معمودياتُ حِبْرٍ يخوضُها المبدعون فُرادى وجماعات، لكي يتأهلوا إلى امتلاكِ موهبةِ ابتكارِ الغدِ الأفضل.”

وأكد أن “الصراع في هذا الوجود بطبيعته وجوهره ثقافيٌّ فكريٌّ، وليست الحروب العسكرية منه سوى نتائج فشل الأفكار في بسطِ حقيقتِها، أو إذا شئتم هيمنتِها، عبر العقلِ والكلمة، فيلجأُ أصحابُها إذّاك إلى السلاح لتزكية أدواتِهم المعرفية، وتاليًا، مصالحِهم الأمنية والاقتصادية والسياسية.”

واردف المرتضى:”فحبذا لو بقيت كلُّ النزاعات في هذا الكون متخذةً من الفكر والأدب والحوار العقليّ وسائلَ حصريةً لها، لكانت البشرية إذن في ذروة تألق القيم، أو لكانت على الأقل أفضلَ مما هي عليه اليومَ بكثير.”

وقال:”أما مصرُ ولبنان، فخِدرانِ للضادِ لم تُهتَكْ ستورُهما، ولا تحوَّلَ عن مغناهما الأدبُ، كما قال شاعر النيل حافظ ابراهيم. وهما إذ تحتفيان معًا باسم العروبة جمعاء في هذا اللقاء الثقافي، بنخبة المبدعين، من رعاةٍ وفائزين، فإنما تؤكدان بذلك على أولية الأدب والفنون في بناء الحياة، كمدخلٍ لكلِّ تطورٍ وحداثة، مع المحافظة على معطياتِ تراثنا التي شكَّلت قوّةَ الدفع المعرفيةَ الأساسيةَ التي جعلتِ العالم كلَّه يعيشُ وقتاً ما في الزمن العربي. هذا زمان نريدُ له أن يعود. وعلينا أن نجهدَ في سبيل ذلك”

وفي الختام قال وزير الثقافة”أوجه التهنئة لجميع المبدعين الفائزين، وللمؤسسة التي نظمت هذه المسابقة، للجهات التي دعمت، وللجنة التحكيم التي أخرجت النتائج. وإلى مهرجانات قادمة، والسلام”.

الحفل بدأ بالنشيد الوطني وقدم للفعالية الكاتب والإعلامي روني ألفا الذي اعتبر ان “إقامتها في طرابلس هو فعل ايمان بلبنان وفعل مقاومة يواكب تلك التي تجري في غزة والضفة والجنوب شاكرًا وزير الثقافة اهتمامه الدائم بتطوير حركة الثقافة في لبنان وخاصة في طرابلس في موسمها لهذا العام وفي كل الاعوام كعاصمة للثقافة العربية”.

ابي حنا

ثم القت ممثلة اوسكار في لبنان سعاد مارون ابي حنا كلمة لفتت فيها الى انطلاق المهرجان قبل سنتين في القاهرة في سباق تنافسي خلاق مع الحرص على حضور لبناني فاعل، واشارت الى ” تمثيلها المؤتمر في لبنان وما سجل من مشاركة فيه، والى رعاية الوزير مرتضى للمهرجان وتكليف المحامي شوقي ساسين بمتابعة منتجة وانجاح كل الخطوات” .

ولفتت الى “مشاركة مراكز عدة في مناطق مختلفة في ظل التأكيد على التعاون مع مؤسسات ونقابات عدة “، مثنية على “دور هذه الشراكة منوهة بمواكبة هذه التظاهرة بتظاهرة اعلامية وابداعية وتحقيق جوائز قيمة”.

وفي كلمة عبر الفيديو توجه مدير اوسكار ماريو منير بالتحية الى وزارة الثقافة وغيرها ومجلس الإدارة ومجلس الامناء، مهنئا ومشيرا الى “دور الأدب العربي الإبداعي عبر العصور واهميته لنقل الثقافة العربية بين الأمم”، لافتا الى “غناه وتنوعه ، وإلى دور لبنان في النهضة العربية وبروز ادباء في موازاة تنوع غني ومدارس مختلفة” .

وأكد ” دور مصر المركزي، و دور ادب المقاومة وما عكسه من تطلعات الشعب الفلسطيني . شكر ختما القيمين والمتسابقين”.

وفي كلمة عبر الفيديو ايضا ، القت سهير شلبي باسم مجلس إدارة المهرجان كلمة حيت فيها اللقاء في طرابلس وقدرت للدكتورة سعاد عملها واهتماماتها متمنية التوفيق للحفل والمبدعين العرب.

من جهتها القت درية فرحات كلمة اتحاد الكتاب اللبنانيين وحملت تحيات الأمين العام لاتحاد احمد نزال، واشارت الى تاريخ طرابلس والى القلوب البيضاء فيها التي لا يشوهها اي نمط دخيل وهي التي تبقى خير حاضن للاداب والفنون، ونوهت بان ” الثقافة جماعة ما يتفاعل من فنون وحضارات”، مثنية على “المسابقة الإبداعية كمرآة تعكس الطموح العربي وقيمه”.

واشارت الى ان “البحث عن الثقافة يتعلق بالمجتمع وحيث لا بد من توفير بيئة حاضنة والإضاءة على الدرر المكنونة”، واكدت “المضي في درب النهضة في بلد الحرف والابداع وتعزيز موقع الثقافة في لبنان”، ولفتت الى “المسابقة واهميتها احتفاء بالادب مشيرة الى دور الفنون في الحياة والتطور”،وشكرت راعي الاحتفال والقيمين عليه مؤكدة انه ب”الثقافة يصنع النصر وبالتفاعل المثمر نحقق بناء الاجيال”.

رئيس اللجنة الوطنية لليونسكو شوقي ساسين ألقى بدوره كلمة استهلها بالقول : “حديثي اليوم إليكم حكاية صغيرة… وما بعدَها. أما الحكاية فهي أنني منذ قرابةِ عقدين من الزمان، كنتُ مشارِكًا في أعمالِ المكتبِ الدّائمِ لاتّحاد المحامينَ العربِ المنعقدِ يومذاك في عمّان. فرُتِّبَت لنا زيارةٌ إلى مدينةِ السَّلْط، لأنَّ على مشارفِها جبلًا يستطيعُ الواقفُ عندَه أن يرى القدسَ بأمِّ العينِ. وبالرَّغمِ من قرب المسافة بين المدينتين، عمانَ والسلط، لم يفارقني لحظةً سؤالُ المتنبي: “أطويلٌ طريقُنا أم يطولُ؟”. وفي رحلةِ الذهابِ إلى هناك، استوقفنا زملاء أردنِّيُّون، وأهدَوْا كلَّ واحدٍ منّا قنينةَ زيتٍ من مَعاصرِهم وكيسًا صغيرًا من “زعترِ” جنين. فلمَّا جُزْنا السَّلْطَ وارتقَيْنا جبلَها، كانت العتمةُ قد بَرَكَتْ، فأومأَ الدليلُ إلى أنوارٍ تخفِقُ في الليلِ العميق”.

وقال:” انظروا هذه هي القدس! لن أصفَ ما اعترانا من مشاعرَ حينذاك، لكنْ بحسبي أن أخبرَكم أننا في نهايةِ المؤتمر، وتحت تأثيرِ الزيارة، دبَّجْنا بيانًا ختاميًّا مدوِّيًا، حيَّيْنا فيه فِلِسطين وشعبَها، وتوعَّدْنا الأعداءَ بألفاظٍ مزمجِرة ارتعَدَتْ لها فرائصُ السطور، ثمَّ تركْنا القدسَ للَّيلِ العميق، وعدْنا إلى ديارِنا مكتفين بما حملتْ أيدينا من قواريرِ زيتٍ وأكياسِ “زعتر”، وأعينُنا من جِرارِ ضوءٍ مقدسيٍّ سبيّ”.

اضاف:” أما الذي بعد الحكاية فشاهدُها، وهو أمرٌ بديهيٌّ جدًّا، أن أذكِّرَ بدورِ الإبداع في تجديد حياة الشعوب. كلُّ مسألةٍ تثبتُ مقارباتُها على أصلِ كعبِها، وتبقى معالجاتُها تقليديةً، بالرغم من سيلان الزمان وتبدل ظروفه، لن تعرفَ تطورًا ولن ترى حلًّا. هذا جرى معنا حين عالجنا الاحتلالَ بالبيانِ فما أجدى. أنا بالطبعِ لن أخوضَ في المقاربات الأخرى التي بتنا نشهدُها حديثًا في قضية فلسطين، كي لا أخرجَ عن سمتِ الخطاب، لكنني أشير في المقابل إلى أن هذا المهرجان الذي منذ نشأته، جعل قصارى دأبِه تحفيزَ الإبداع في دنيا الأدب، على امتداد لغة العرب، أدركَ أنَّ الإبداع الذي تفجِّرُه الحريةُ في ميادين الحياة كلها، هو الذي يجدِّدُ معنى الوجود؛ وأنه ما من أمةٍ تبقى فاعلة في مسيرة الحضارة الإنسانية حتى يسكن الإبداعُ رؤى أجيالِها وعزائمَهم، فلا يكتفوا بما يُملى عليهم من مصائر، ولا يكونوا أسواق استهلاك لما ينتجه الآخرون. فأين نحن من حركية الإبداع في صنوفِ المعارف المتشعبة”؟

تابع :”أعترف أمامكم بأنني في الطبعة الثانية من هذا المهرجان التي نوقع اليوم نسختَها الأخيرة، لم أكُ إلا حارسَ ظِلِّ الحبر، الواقفَ على البوابةِ الخارجية وِقفةَ من يراقبُ عدّاد الوقتِ من غيرِ أن يملكَ إمساكًا لمجراه. كان شأني أن أتابعَ عن بعدٍ النقاشاتِ الرصينةَ بين المحكمين، وهي تزكّي كتابًا على كتاب، وتفاضلُ بين المشاركات، في مداولاتٍ نقديةٍ كانت هي الأخرى عملًا إبداعيًّا صِرْفًا. ودور المتفرج هذا، في مقابل الأدوار الخلاقة للكتابِ والمحكمين هو الذي ذكرني بالحكاية التي بها استهللت. اليوم إذ نحتفي بإخوتنا الفائزين اللبنانيين، وبالجهات والشخصيات الوطنية الداعمة، نسدي أعطرَ الشكرِ لكلِّ من وضعوا بصمةً في هذا التقويم، من أول عهدِه بالضوءِ إلى الآن، ونرجو له أن يستمر ويتمدد”.

وختم :” وبعد يقول سعيد عقل:

ما الكون؟ قله رنينَ الشعر، قلْه صدًى

لكفِّ ربِّكَ… إذْ طنَّتْ… على الزمنِ

نعم يا سادتي، المبدعون أصداءُ كفِّ الله التي بها يقرعُ الزمان، فلنكن منهم. وشكرًا”.

ثم قدم الوزير المرتضى دروعا للمشاركين من الأدباء والمحكمين، و شهادات تقدير للإعلاميين، تلفزيون لبنان ممثلا بالاعلامي منذر المرعبي، “الوكالة الوطنية للاعلام” ممثلة بالاعلامية لينا الخوري ، وعدد من الاعلاميات والاعلاميين وهم مرلين وهبي،كمال ذبيان ، اندريه داغر،بسكال بطرس ،جنى جبور، و دانييلا مارون.

كما تخلل الحفل مقطوعات موسيقية قدمتها زينة عون ونجلها انطونيوس غطاس.

المصدر: المركزية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى